الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
حضرات السيدات والسادة،
أيها الشباب،
يطيب لنا في هذه المناسبة المتميزة مناسبة انعقاد المؤتمر الدولي للشباب ببلادنا ان نشارك شبابنا والشباب العالمي اهتماماته ونشيد بأهمية هذا اللقاء لما هو مؤكد من ارتباط وثيق بين رؤى الشباب وتصوراته وبين القضايا الجوهرية لحاضر المجتمعات البشرية ومستقبلها ولما يجب ان تسفر عنه منتديات الشباب باعتبارها تقوم على الأمل والتفاؤل.
ان العالم يعج اليوم بمشاكل وقضايا شائكة في ظل تقليص المسافات وانعدام الفواصل بين أطراف المعمور وتعدد الروابط بين مكوناته إذ لم يعد بالإمكان لأي كان ان يجهل أو يتجاهل ما يجري خارج وطنه ومجتمعه كما لم يعد بإمكان أي كان ان يعزل نفسه أو ينعزل عما يجري حوله وفي عالمه. وهذا الوضع ذو حدين إذ انه بقدر ما يفتح آفاق التفاعل الحضاري إيجابيا على طريق التعاون والتقدم للجميع بقدر ما يتيح فرص الهيمنة المستمرة من جهة والتبعية المطردة من جهة أخرى ما بين الأمم والشعوب قويها وضعيفها فقيرها وغنيها.
ولا مناص من الاعتراف بان عالم اليوم وهو يعيش أجواء العولمة الاقتصادية يواجه من بين ما يواجه معضلة الهوة الفاصلة بين دول الجنوب والشمال وما يرتبط بها من ظاهرة الفقر وتفاقمها بسبب قصور البرامج التنموية عن تحقيق أهدافها الكاملة جراء المشاكل النوعية لمتجددة وتدخل العوامل الطبيعية كالتصحر والجفاف وانتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة وتدهور الواقع البيئوي بعوامل مختلفة مع تناقص مستمر في مياه الشرب والأراضي الزراعية ليزيد من سوء الوضع الغذائي والمعيشي بصفة عامة.
فهذه المعضلات بما تتسم به من تفاوتات وتعارضات وما يطبعها من اختلالات ونزاعات محلية وجهوية واستغلالها من البعض لنشر التطرف والإرهاب تحتم علينا تظافر الجهود على جميع المستويات، وتطوع كافة القوى الواعية والفاعلة للتخطيط لتبادل انجع بين الدول قوامه التضامن والتعاون للتخفيف من آفة الفقر وتجنيب كثير من الدول والمجتمعات شبح المجاعة وخطرها المتربص ومعالجة الوضع البيئي لقارتنا حفاظا على توازنها وسلامة ساكنتها.
ان تحقيق هذا الهدف موقوف على التشبع بثقافة السلام واعتماد أسلوب الحوار والنقاش الجاد والاحتكام إلى المواثيق الدولية والالتزام بقرارات منظمة الأمم المتحدة والقمم الدولية.
وان روح الشباب التي توءطر هذا الموءتمر الدولي والعزائم التي انبثق عنها وكذا القيم التي تنضوي تحتها أشغال هذا اللقاء من قبيل التسامح والتعايش والتعاون في سبيل التنمية المستديمة إلى ما يلخصه شعاركم المعبر عن عمق الثقة والتفاوءل بالمستقبل والمتمثل في عبارة.. "كونوا مبعثا للتغيير" كل ذلك يعبر عن انشغالات الشباب بالوضعية الحالية للعالم واستعداده في وعي وطواعية تحمل مسؤولياته في إغناء الحوار والمشاركة في بلورة الحلول وهو ما يعني ترسيخ التواصل بين الأجيال والاستفادة مع تجدد الخبرة بين السابق واللاحق من الأجيال بدون قطيعة ولا انقطاع; وتلك من أهم المرامي والقيم التي دأبنا على تأكيدها للشباب في كل فرصة ممكنة كما دأبت ملتقياتنا الشبابية بدورها على تبنيها وإغنائها بالفكر والعمل والانتاج في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والفنية وبخاصة ميادين التكوين والمقاولة الشابة والناشئة.
حضرات السدات والسادة،
أيها الشباب،
لا يخفى عليكم ان فضاء هذا البلد يمثل في الحاضر كما كان يمثل في السابق وطوال تاريخ حضاري حافل همزة وصل بين الحضارات والقارات ومثالا حيا لتعايش الديانات والمعتقدات; ومن هذا المنطلق فان المغرب بقدر ما يولي واجباته الدولية ما تستحق من اهتمام والتزام بدمة القضايا العادلة وبقدر ما أعطى من مثال على تشبعه وتشبته بالأعراف الدولية عبر مواقف التأييد الجدي لمبادئ الأمم المتحدة والتجند تحت لوائها لنصرة المشروعية الدولية بقدر ما هو ملزم كذلك بما يقتضيه منه موقعه ودوره في الفضاء الأورومتوسطي والعربي والإفريقي من تعزيز فرص التعايش والسلام، وإشاعة المزيد من روح التساكن والتعاون في أفق التأسيس العملي لشراكات دولية فاعلة.
وقد ءالت أمتنا على نفسها وفي مقدمتها شبابنا الحي الواعد على ان نمضي قدما في هذا الطريق بكل ما يلزم من عزم وجد وما يتطلبه من تجند وجهد للإرتقاء بواقعنا نحو الأفضل بترسيخ لا رجعة فيه لدولة المؤسسات القائمة على الحق والقانون والمساواة وصيانة كرامة المواطن وللقيام بدورنا كاملا في نصرة القضايا الانسانية وخدمة مبادئ العدالة ونشر ألوية الطمانينة والسلام في العالم.
وان مثل هذا الدور الذي يأتي ضمن أولويات ما يجب ان تتجه إليه إرادة شبابنا والشباب العالمي وينصرف إليه فكره وجهده ليتطلب شحذ الهمم والقدرات لما من شانه ان يسهم في صياغة استراتيجية شبابية عالمية تتطلب تكثيف الجهود وتنظيمها برعاية أممية وعبر منظمة دولية خاصة بهذا الشان وضمن روءية واضحة قائمة على مبادئ التعاون والتعايش والتسامح تستقي من مكارم الأخلاق الانسانية ومن الحقوق الأساسية في الحرية والكرامة والمساواة.
ان مؤسسة دولية للشباب العالمي لمن شانها ان تعزز سائر الجهود العاملة لتحقيق ما يفتقده عالم اليوم ألا وهو المزيد من التعارف والتبادل بين الأمم والشعوب، وبذل ما يجب لخير الانسان وسعادته عبر ءاليات تمكن تحقيق برامج للتنمية المستديمة وتوءدي إلى تحسين فرص الحياة لشرائح واسعة من ساكنة العالم.
ان معالم هذا التصور لعالم الغد عالم تسوده المودة والإخاء لترتسم بما تخطونه وتخططونه في أشغال موءتمركم هذا وبالقدر الذي تلتزم به هممكم وبالمدى الذي تعملون جادين جاهدين للإقناع به حتى تنعقد عليه وتتوحد به عزائم الكل من حولكم وهو ما نراكم ساعين إليه بالغيه ومحققيه بمشيئة الله.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.